تسببت أتربة تم جرفها في المنطقة المحيطة بمينا طنجة المتوسطي إلى تحويل حياة عشرات السكان إلى جحيم في موسم الأمطار، حيث تتجمع المياه حولهم وتتزايد مخاطر الانجراف، مما ينذر بوقوع كارثة في حال لم يتم تدارك الأمر.
وكانت إدارة الميناء المتوسطي أقامت عدة خزانات عملاقة لغاز “البروبان”، تابعة لإمبراطورية غاز إفريقيا، للوزير عزيز أخنوش، على بعد بضعة أمتار من قرية سبق لسكانها أن احتجوا بشدة على إقامة هذه الخزانات العملاقة على مقربة من قريتهم.
وتم وضع آلاف الأطنان من الأتربة الناتجة عن الحفر حول القرية التي سبق لسكانها أن تعرضوا لنزع ملكياتهم وأراضيهم بحجة إقامة مشاريع للمنفعة العامة فوقها، قبل أن يتبين أن الأرض تم استغلالها من أجل إقامة خزانات الغاز التابعة لشركة خاصة.
وعانت هذه القرية، خلال ليلة السبت الماضي من رعب كبير بعد أن تساقطت كميات كبيرة من الأمطار في المنطقة، حيث ارتفع منسوب المياه بشكل كبير وهدد السكان بالغرق، بسبب تراكم الأتربة وعدم وجود أي منفذ للمياه.
ويقول سكان من المنطقة إنهم ظلوا يتصلون طوال الليل بالمصالح المعنية من أجل نجدتهم، غير أنهم إما لم يتلقوا إجابات، أو أن مسؤولين ومنتخبين أجابوهم بأن المنطقة معنية بقرار نزع الملكية!
ويقول السكان إنهم يستغربون كيف يتم الاستهتار بأرواحهم لمجرد أن المنطقة معنية بقرار نزع الملكية، وكأن الجهات المعنية تريد التخلص منهم بأية وسيلة، حتى لو تم ذلك عبر إغراقهم.
ويضيف السكان أن أحد المنازل في المنطقة كان مهددا بالغرق بشكل كامل، وهو في ملكية شخص يسمى عزيز، وتساءلوا كيف أن مشروعا ضخما للغاز في ملكة عزيز أخنوش كان على وشك إغراق منزل بسيط لعزيز الدواس، حيث يتداول السكان عبارة ساخرة تقول إن “عزيز مول الغاز كان على وشك إغراق عزيز مول التراب”.
ووفق معطيات من السكان فإن بناء مستودعات الغاز في المنطقة تم من دون أي إشعار للسكان بالمخاطر المترتبة عنه، وحين حاول السكان الاحتجاج قيل لهم إن أراضيهم دخلت أصلا في مسطرة نزع الملكية ولا يحق لهم الاحتجاج.
لكن الغريب هو أن سكان المنطقة، والذين قبلوا مبدئيا بعملية الترحيل، طالبوا بتخصيص بقعة أرضية في المنطقة من أجل إقامة تجزئة تؤويهم بعد ترحيلهم، خصوصا وأنه يوجد بينهم أشخاص في وضعية إعاقة، لكنهم انتظروا عدة سنوات للرد على رسائلهم للسلطات في المنطقة قبل أن يأتيهم الرد بالنفي بحجة عدم وجود وعاء عقاري، مع أن السكان يقيمون أصلا فوق أراض سلالية شاسعة، والتي تفوق مساحتها 300 هكتار!
ويعيش السكان حاليا وضعية توصف بأنها “بين المطرقة والسندان”، حيث أنهم يعيشون قرب خزانات ضخمة للوقود وبدون أية إجراءات سلامة، كما أن أشغال إقامة هذه الخزانات جعلت كميات هائلة من الأتربة تحيط بهم وتغرقهم عند أول زخة مطر، بالإضافة إلى كون طلبهم بتنقيلهم إلى تجزئة أخرى قوبل بالرفض، وهو ما يذكر بوضعية سكان عانوا من قبلهم من الوضعية نفسها حين تم إغراقهم برمال الشاطئ ومياه البحر خلال عملية شفط الرمال أثناء إقامة الميناء المتوسطي، فكانوا مجبرين على أحد خيارين، إما الرحيل بسرعة نحو أي مكان أو الغرق!
عن “المساء”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق